هل السب يجرح الصيام

هل السب يجرح الصيام

هل السب يجرح الصيام هو أحد الأحكام الفقهية التي ينبغي على كل مسلم أن يكون على علم بها في شهر رمضان المبارك حتّى لا يقع فيما يبطل صيامه بسبب الجهل بالأحكام الشرعية والفقهية المهمة التي تتعلق بهذا الشهر الفضيل، وفي هذا المقال من موقع مقالاتي سوف نتحدّث عن حكم السب وتأثيره على الصيام، وسنلقي الضوء على حكم سب الدين للصائم وسنمر على مبطلات الصيام في الإسلام.

هل السب حرام في الإسلام

أجمع أهل العلم على تحريم السب والشتم في الإسلام، فليس من أخلاق المؤمن أن يسب وأن يشتم وأن يوجه الإهانات للآخرين، والإسلام هو دين الأخلاق الفاضلة، وإنّما بُعث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلّم- ليتمم مكارم الأخلاق، والدليل على تحريم السب والشتم في الإسلام هو:

  • ورد عن الصحابي الجليل أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلّم- قال: “أَتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ؟ قالوا: المُفْلِسُ فِينا مَن لا دِرْهَمَ له ولا مَتاعَ، فقالَ: إنَّ المُفْلِسَ مِن أُمَّتي يَأْتي يَومَ القِيامَةِ بصَلاةٍ، وصِيامٍ، وزَكاةٍ، ويَأْتي قدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعْطَى هذا مِن حَسَناتِهِ، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أنْ يُقْضَى ما عليه أُخِذَ مِن خَطاياهُمْ فَطُرِحَتْ عليه، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ” [1]
  • ورد عن الصحابي الجليل معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم قال: “ثَكِلَتكَ أُمُّكَ، وهل يَكُبُّ النَّاسَ على مَناخرِهم في جَهنَّمَ إلَّا حَصائدُ ألسِنتِهم؟” [2]

شاهد أيضًا: هل يجوز المباركة بشهر رمضان الفضيل

هل السب يجرح الصيام

إنّ السب بالنسبة للصائم لا يبطل الصيام ولكنه ينقص من أجر الصائم، فلم يرد السب في الأشياء التي تبطل الصيام بالنسبة للمسلم، ولكن الإسلام يحرم السب بكل أشكاله سواء كان في شهر رمضان المبارك أو في غير رمضان، وكثيرة هي النصوص الشرعية التي تحدثت عن تحريم السب والشتم، وقد حثّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلّم- المسلمين على ضرورة الابتعاد عن السب والشتم والرفث والصخب أثناء الصيام، قال عليه الصلاة والسلام: “الصِّيَامُ جُنَّةٌ فلا يَرْفُثْ ولَا يَجْهلْ، وإنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِن رِيحِ المِسْكِ. يَتْرُكُ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ وشَهْوَتَهُ مِن أجْلِي الصِّيَامُ لِي، وأَنَا أجْزِي به والحَسَنَةُ بعَشْرِ أمْثَالِهَا” [3] فالواجب على المسلم أن يبتعد عن كل أشكال السب والشتم في نهار الصيام وإن تعرض لأي موقف يثير الغضب فعليه أن يقول اللهم إني صائم، والله تعالى أعلم. [4]

هل السب يجرح الصيام الشيخ صالح الفوزان

أفتى الشيخ صالح الفوزان في أنّ السب لا يفسد صيام الصائم ولكن ينقص من أجر الصيام، فالسب محرم في الإسلام ومن سب أو شتم فقد ارتكب إثمًا والإثم والذنب في رمضان مضاعف بالكيف وليس بالكم، أي أنّ عقاب وعذاب الذنب في رمضان أكبر منه في غير رمضان، لذا من الواجب على المسلم أن يحسن ضبط نفسه في هذا الشهر الفضيل، وفيما يأتي نضع نص فتوى الشيخ صالخ الفوزان في موضوع هل السب يجرح الصيام:

أما الصيام فهو صحيح، وذلك لأن الأقوال المحرمة والأفعال المحرَّمة لا تبطل الصوم ولكنها لا شك تنقصه وتضيع فائدته وثمرته، فإن المقصود من الصوم تقوى الله عز وجل، بل أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصائم إذا شاتمه أحد أو قاتله أن يقول: (إني امرؤ صائم) حتى يرتدع الساب والشاتم، وحتى يعلم أن هذا الصائم لم يترك الرد عليه عجزًا عنه ولكن ورعًا وتقوى لله عز وجل لأنه صائم، والواجب على الصائم وغيره الصبر والتحمُّل وألا تثيره الأمور المخالفة لما تشتهيه نفسه

هل السب ينقص من أجر الصائم

أجمع الفقهاء على أنّ السب ينقص من أجر الصيام بالنسبة للصائم، فهو من الأعمال المحرمة، وكل ذنب يذنبه المسلم في نهار الصيام ينقص من أجر صيامه، لذا فمن الواجب على المسلم أن يكون صبورًا وأن يكون حليمًا يحسن كتم غضبه فلا يسب ولا يشتم، بل يكون حليمًا حكيمًا مع الآخرين، وهذه من الصفات العظيمة التي يجب على المسلم أن يتحلّى بها في رمضان وفي غير رمضان. [5]

شاهد أيضًا: حكم قول كل عام وانت بخير في رمضان

هل سب الدين يبطل الصيام

إنَّ سب الدين في نهار الصيام يبطل الصيام ويخرج المسلم من الملّة أي يخرجه من الإسلام كله فيصير مرتدًا عن الدين والعياذ بالله، فمن سب الدين عليه أن يبادر مباشرة إلى التوبة وإلى النطق بالشهادتين، فهو كبيرة من الكبائر التي يجب على المسلم أن يتجنبها، وقد جاء في كتاب المغني لابن قدامة أنه قال في مسألة سب الدين في الإسلام:

ومن ارتد عن الإسلام، فقد أفطر لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في أن من ارتد عن الإسلام في أثناء الصوم، أنه يفسد صومه، وعليه قضاء ذلك اليوم، إذا عاد إلى الإسلام، سواء أسلم في أثناء اليوم، أو بعد انقضائه، وسواء كانت ردته باعتقاده ما يكفر به، أو شكه فيما يكفر بالشك فيه، أو بالنطق بكلمة الكفر، مستهزئًا أو غير مستهزئ؛ وذلك لأن الصوم عبادة من شرطها النية، فأبطلتها الردة، كالصلاة والحج، ولأنه عبادة محضة، فنافاها الكفر، كالصلاة

ما هي مبطلات الصيام في الإسلام

يمكن حصر مفسدات الصيام في الإسلام في النقاط الآتية:

  • الجماع: يُعدُّ الجماع من مبطلات الصيام إذا قام به المسلم في نهار الصيام، ودليل أنّه من مبطلات الصيام حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الذي قال فيه: “بيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ: ما لَكَ؟ قَالَ: وقَعْتُ علَى امْرَأَتي وأَنَا صَائِمٌ. . .” [6].
  • الاستفراغ: يُعدُّ الاستفراغ من مبطلات الصيام أيضًا، والدليل ما ورد عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم: “من استقاء وهو صائمٌ فعليه القضاءُ ومن ذرعَه القيءُ فليس عليه القضاءُ”.
  • الطعام والشراب: أي دخول شيء إلى الجوف عمدًا في نهار الصيام، فالصيام هو الإمساك عن الطعام والشراب والشهوات، فإذا أكل المسلم أو شرب في نهار الصيام فقد أخلّ في أصل الصيام، وقد أفطر.
  • الردة: من ارتد عن الإسلام في نهار الصيام فقد أفطر، فلا صيام لمشرك، ومن ارتد فقد أشرك، وقد تكون الردة بسب الذات الإلهية أو سب الدين أو سب رسول الله صلَّى الله عليه وسلم.
  • الحيض والنفاس: فإذا حاضت المرأة في نهار رمضان لا يجوز لها الصيام حتّى تطهر من حيضها والنفاس كذلك، والدليل ما ورد في رواية عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: “سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلتُ: ما بَالُ الحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، ولَا تَقْضِي الصَّلَاةَفَقالَتْأحَرُورِيَّةٌ أنْتِ؟ قُلتُ: لَسْتُ بحَرُورِيَّةٍ، ولَكِنِّي أسْأَلُ. قالَتْ: كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ” [7]

شاهد أيضًا: حكم قول مبارك عليكم الشهر الفضيل

بهذه المبطلات نصل إلى نهاية هذا المقال الذي سلّطنا فيه الضوء على هل السب يجرح الصيام وتحدثنا عن حكم السب في الإسلام وعن هل السب ينقص من أجر الصائم وعن سب الدين في نهار الصيام، ووضعنا في النهاية ما هي مبطلات الصيام في الإسلام.

المراجع

  1. ^ صحيح مسلم , مسلم، أبو هريرة، 2581، صحيح.
  2. ^ تخريج المسند , شعيب الأرناؤوط، معاذ بن جبل، 22063، صحيح بطرقه وشواهده
  3. ^ صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 1894، صحيح.
  4. ^ صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 1936، صحيح.
  5. ^ صحيح مسلم , مسلم، عائشة أم المؤمنين، 335، صحيح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *