فضل ليلة النصف من شعبان ابن باز

فضل ليلة النصف من شعبان ابن باز

فضل ليلة النصف من شعبان ابن باز هو ما سيتمّ الحديث عنه في هذا المقال، فشهر شعبان قد صار على الأبواب، وسيقبل عليه كلّ من أراد أن ينهل من الأجر والحسنات، وكلّ من يبتغي رضا الله تعالى، فشهر شعبان من الأشهر العظيمة الّتي تحمل العديد من الفضائل والخيرات والرّحمات والبركات، وعبر موقع مقالاتي سنتحدّث عن ليلةٍ من ليالي شعبان وعن فضلها والأعمال المستحبّة فيها، وأقوال كبار أهل العلم في هذه الليلة، وهي لليلة النّصف من شهر شعبان المبارك.

ليلة النصف من شعبان

قيل في ليلة النّصف من شعبان العديد من الأقوال، كما رويت فيها الكثير من الأحاديث، لكنّ أهل العلم قد ضعّفوا معظم هذه الأحاديث فهي لا تصحّ للعمل بها أو الاحتجاج بها، ومن هذه الأحاديث ما يقول: “إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن”. وهذا الحديث رُوي بإسنادٍ ضعيف، وقيل أنّ فيه تدليس، وقد قال ابن رجب الحنبليّ أنّ في فضل ليلة النّصف من شعبان أحاديث متعدّدة اُختلف فيها، لكنّ أكثر أهل العلم قد ضعّفوها، وصحّح بعضًا منها ابن حبّان، وقد قيل في هذه الليلة أيضًا أنّ الله جلّ وعلا ينزل إلى السّماء الدّنيا فيغفر لكلّ مستغفرٍ ويعطي كلّ سائلٍ وغير ذلك، والصّحيح أنّ هذا الأمر ليس خاصًّا بليلة النّصف من شهر شعبان، بل إنّه أمر يحدث في كلّ ليلةٍ في الثّلث الأخير من الليل، وهذه الليلة داخلةٌ في هذا الأمر، فلم يصحّ في خصوصيّة هذه الليلة شيءٌ والله أعلم.[1]

فضل ليلة النصف من شعبان ابن باز

قد نُقل عن الشّيخ والعلّامة عبد العزيز بن بازٍ رحمه الله تعالى ما قاله في فضل ليلة النّصف من شهر شعبان، حيث أفاد بأنّ ليلة النصف من شهر شعبان لم يختصّها الله -سبحانه وتعالى- بشيءٍ من الفضل أو العمل أو الأجر، وأنّ هذه الليلة مثلها كمثل سائر الليالي الأخرى، ولا يجوز للمسلم أن يخصّها بشيءٍ من العبادة بدعاءٍ أو صلاةٍ أو قيامٍ أو قراءة قرآن، وإنّ الأحاديث الواردة في فضلها أو اختصاصها في شيءٍ فهي أحاديثٌ ضعيفةٌ ومنكرةٌ ولا تصحّ إطلاقًا، والصّواب أنّ ليلة النصف من شعبان لا تختص بشيءٍ من الفضل أو العبادة والله أعلم.[2]

شاهد أيضًا: فضل ليلة النصف من شعبان ابن عثيمين

حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان

إنّ الاحتفال بليلة النصف من شعبان واختصاصها بشيءٍ من العبادة أو الدّعاء أو غيره هو بدعةٌ من البدع المحدثة في دين الإسلام الحنيف، والبدع مآلها يوم القيامة نار جهنّم، ويحمل وزرها المسلم ووزر من اتّبعه فيها، قال عائشة رضي الله عنه، عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “مَن أَحْدَثَ في أَمْرِنَا هذا ما ليسَ فِيهِ، فَهو رَدٌّ”.[3] والبدع تُضلّ النّاس عن كلّ ما هو صحيحٌ وصواب، فلا يجوز للمسلم اتّباعها والاحتفال بليلة النصف من شعبان، فذلك لم يرد في السّنّة النّبويّة المطهرة، وما لم يرد فيها من واجب المسلم الابتعاد عنه وردّه.[4]

فضائل ليلة النصف من شعبان ابن عثيمين

عُرضت مسألة ما هي فضائل ليلة النصف من شعبان على الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فكان جوابه أنّ الصحيح كلّ ما جاء في فضل ليلة النصف من شعبان ضعيفٌ ولا يُمكن الاحتجاج فيه ومنها ما هو موضوع، وقد وافق في جوابه في مسألة فضل ليلة النصف من شعبان ابن باز، وقد أشار الشيخ ابن عثيمين إلى بعض الأحاديث التي وردت في فضل شعبان وبيّن درجتها ومما أشار إليه، عن أبي بكر رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ينزل اللهُ – عزَّ وجلَّ – ليلةَ النِّصفِ من شعبانَ إلى سماءِ الدُّنيا، فيغفرُ لكلِّ شيءٍ إلَّا لإنسانٍ في قلبِه شحناءُ، أو مشركٌ باللهِ”.[5] وهو من الأحاديث الصحيحة، وأشار لأحاديث ضعيفة منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا كانت ليلةُ النِّصفِ من شعبانَ فقوموا ليلَها، وصوموا نَهارَها، فإنَّ اللَّهَ يَنزِلُ فيها لغُروبِ الشَّمسِ إلى سماءِ الدُّنيا، فيقولُ: ألا من مُستغفِرٍ لي فأغفرَ لَه ! ألا مُسترزِقٌ فأرزقَهُ ألا مُبتلًى فأعافيَهُ ألا كذا ألا كذا حتَّى يطلُعَ الفجرُ”.[6] وهو من الأحاديث الضعيفة التي حسنها بعض أهل العلم.[7]

شاهد أيضًا: هل يجوز صيام آخر يوم من شعبان ؟

ما يستحب فعله في نصف شعبان

ذكر أهل العلم في فضل ليلة النصف من شعبان ابن باز أنّه لم يرد في فضلها خبرٌ صحيح، والوارد فيها أثارٌ عن الصحابة والتابعين، مقطوعة وأحاديث أصحّها موضوع وضعيف، وبهذا فلا يصحّ تخصيص ليلة النصف من شعبان عن غيرها من الليالي بأيّة عبادات، ولا يجوز للمسلمين أن يصوموا فيها دون غيرها أو أن يقوموا فيها الليل ولا الاحتفال بها اعتقادًا بفضلها وهذا المشهور عند أهل العلم والله أعلم.[8]

حكم قيام ليلة النصف من شعبان

لا يجوز قيام ليلة النصف من شعبان بحسب ما ورد في فضل ليلة النصف من شعبان ابن باز، فهي ليلة كغيرها من الليالي التي من المشروع للمسلم أن يقوم بها، لكن التخصيص لهذه الليلة لا يجوز، ولو أراد المسلم أن يقوم في ليلة النصف من شعبان كما يقوم في غيرها من الليالي دون زيادة ودون اجتهادٍ ومبالغة أو تخصيص فذلك لا حرج عليه وهو مباح والله أعلم.

شاهد أيضًا: فضل ليلة النصف من شعبان ابن عثيمين

حكم تخصيص صيام منتصف شعبان

لا أصل في الشرع لصيام منتصف شعبان، بأن يتمّ تخصيص اليوم الخامس عشر من شعبان للصيام، فهذا من الأمور الذي لم يرد فيه ما يدلّ عليه في السنة الشريفة ولا في الأثر ولم يقم به أحدٌ من السلف، فلا يجوز للمسلم تخصيص هذا اليوم بالصيام دون باقي الأيّام، أمّا لو وافق صيامه فيه ما اعتاد أن يصومه في باقي الأشهر من الأيام البيض في منتصف الشهر فلا حرج عليه، ولو وصله مع صيام أكثر شعبان كذلك ففيه فضل وهذه سنّة النبي صلى الله عليه وسلم، أمّا تخصيصه بالصوم فلا يجوز والله أعلم.[9]

أقوال العلماء في ليلة النصف من شعبان

وردت الكثير من الأقوال لأهل العلم عن ليلة النصف من شعبان، وفضل العبادة فيها، وقد تضاربت الأقوال بين القائلين بأنّ لا فضل لها على باقي الليالي وبين القائلين بفضلها، ومما ورد في ذلك ما يأتي:[10]

  • قال الحافظ بن رجب في كتابه لطائف المعارف: “وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام كخالد بن معدان ومكحول ولقمان بن عامر وغيرهم يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها، ووافقهم على تعظيمها منهم طائفة من عباد أهل البصرة وغيرهم وأنكر ذلك علماء الحجاز منهم عطاء وابن أبي مليكة ونقله عبدالرحمن”.
  • قال القاضي أبو بكر بن العربي: “وليس في ليلة النصف من شعبان حديث يعول عليه،لا في فضلها،ولا في نسخ الآجال فيها،فلا تلتفتوا إليها”.
  • قال الإمام أبو بكر الطرطوشي: “وروى ابن وضاح عن زيد بن أسلم فقال: ما أدركنا أحداً من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى النصف من شعبان ولا يتلفتون إلى حديث مكحول ولا يرون لها فضلاً على ما سواها”.
  • قال الإمام النووي في كتابه المجموع: “الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب وهي اثنتي عشرة ركعة بين المغرب والعشاء ليلة أول جمعة من رجب وصلاة ليلة النصف من شعبان مائة ركعة هاتان الصلاتان بدعتين منكرتين ولا يغتر بذكرهما في كتاب قوت القلوب وإحياء علوم الدين ولا بالحديث المذكور فيهما فإن كل ذلك باطل ولا يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنف ورقات في استحبابهما فإنه غالط في ذلك”.

شاهد أيضًا: صحة حديث اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان

إلى هنا ونصل لنهاية مقال فضل ليلة النصف من شعبان ابن باز، الذي عرّف بليلة النصف من شعبان، وبيّن فضلها بقول الشيخين ابن عثيمين وابن باز، وذكر أقوال بعض أهل العلم فيها، ثمّ بيّن الأعمال المستحبة في هذه الليلة، وذكر حكم صيامها وقيامها في الإسلام.

المراجع

  1. ^ islamqa.info , هل ينزل الله إلى السماء الدنيا في ليلة النصف من شعبان ؟ , 02/02/2022
  2. ^ binbaz.org.sa , حكم ما ورد في فضل ليلة النصف من شعبان , 02/02/2022
  3. ^ صحيح البخاري , البخاري/عائشة أم المؤمنين/2697/صحيح
  4. ^ binbaz.org.sa , حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان , 02/02/2022
  5. ^ التوحيد , ابن خزيمة/ أبو بكر الصديق/ 1/ 326/ أشار في المقدمة أنه صح وثبت بالإسناد الثابت الصحيح
  6. ^ ضعيف ابن ماجه , الألباني/ علي ابن أبي طالب/ 261/ صعيف جدًا أو موضوع
  7. ^ saaid.net , ليلة النصف من شهر شعبان , 02/02/2022
  8. ^ islamqa.info , ليلة النصف من شعبان لا تخصص بالعبادة , 02/02/2022
  9. ^ binbaz.org.sa , حكم تخصيص صيام النصف من شعبان , 02/02/2022
  10. ^ alukah.net , ليلة النصف من شعبان وحكم الاحتفال بها في رأي العلماء (3) , 02/02/2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *